كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

الأول - لتصبح ذات خصائص أخرى تختلف عن خصائصها الأولى وهذه يختلف حكمها ويتغير لأن الأولى تعتبر حادثة مستقلة لها حكم خاص وذلك مثل حكم المؤلفة قلوبهم، وهم نفر من الناس لم يستقر الإِيمان في قلوبهم، جعلت الشريعة لهم حق في مال الصدقة، يتألفهم الإِمام به، ليثبتوا على الإِسلام فَيُسْلِمْ من ورائهم ويسْلَمْ المسلمون من فتنتهم وشرهم، وهذا المعنى لا يخاف منه إلّا عند ضعف الإِسلام وحاجته لنصرتهم ومؤالفتهم، فالنص يوجب إذاً إعطاء هؤلاء المؤلفة لهذا المعنى، فيأتي الإِمام ليطبق هذا المعنى فيجد أمامه حالتين:
الأولى: حالة ضعف الإِسلام، وقوم يحتاجون لهذا التأليف.
الثانية: حالة قوة الإِسلام، وقوم يزعمون أنهم من المؤلفة قلوبهم.
فيطلق حكم الله على الحالة الأولى فيعطيهم سهمهم، ويطبق حكم الله على الحالة الثانية فلا يعطيهم لأنهم ليسوا ممن أمر الله بإعطائهم، وهذا ما يسميه العلماء تحقيق المناط (١).
فهما إذاً حادثتان لكل حادثة حالة خاصة تحتاج إلى حكم خاص ثابت لها لا يتغير، وحادثتان لها حكمان كما قلنا ليس غريباً ولا عجيباً، وكلا الحكمين من الشرع.
ومن خلال هذا التحليل ينكشف لنا خطأ من أراد أن يفرق بين التغيير والنسخ (٢)، حيث جعل النسخ حق الشارع، وقد انقطع بانقطاع الوحي، وعلل ذلك بأنه قد يكون النسخ إلى غير بدل، وأما التغيير فيكون إلى بدل، وفرق آخر وهو أن النسخ يمكن أن يكون في جوانب متعددة في الشريعة، وأما التغيير فمحصور في بعض الجوانب كالمعاملات ونحوها، وذلك لأن التغيير هنا
---------------
(١) انظر ما سبق ص ٢٣٢.
(٢) رسالة "تغير الأحكام بتغير الزمان" ١٨ - ٢٤ - ٢٥.

الصفحة 452