كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

يكون سببه تغيّر المصالح والأعراف والعادات، فإذا انقطع النسخ لا ينقطع التغيير.
وبمراجعة ما تقدم ذكره يتبين أن هذا التفريق لا ينبني عليه فقه ولا يحمل شيئاً من الصحة.
وندلل على ذلك بما يلي إضافة لما ذكرته آنفاً:
١ - أن التغير عند المؤلف هو التبديل والتحويل (١)، والنسخ هو التبديل، أي تبديل الحكم الأول بحكم آخر، فالمشروع يُجعل ممنوعاً والممنوع مشروعاً، أو نسخه مطلقاً إلى غير بدل، وهذا تغيير لصفته الشرعية، فبعد أن كان شرعاً صار غير ذلك، فمن جهة المعنى الأصلي لهما لا تجد كبير فرق بينهما.
وقد جعل المؤلف التغيير مضمونه "عبارة عن ترك الحكم الأول إلى الحكم الثاني" (٢).
٢ - ما سبق وقد ذكرته من أن تغير خصائص الحادثة لتغير الأزمنة إنما هو عبارة عن تجدد حادثة أخرى غير الحادثة السابقة، وحادثتان لهما حكمان ليس غريباً ولا عجيباً كما أسلفت ولا يسمى ذلك نسخاً ولا تغييراً.
أما أنه لا يسمى نسخاً فظاهر ذلك أن النسخ هو رفع حكم الحادثة نفسها أما إلى بدل - والحادثة هي الحادثة - وأما إلى غير بدل.
وأما أنه لا يسمى تغييراً في الحكم فظاهر أيضاً لأن حكم تلك الحادثة نفسها لم يتغيّر كما قلنا في مشروعية إعطاء المؤلفة قلوبهم، وإنما الذي تغيّر هو طبيعة الحادثة، لتصبح حادثة جديدة لها حكم جديد، ولا يقال هنا تغيّر في
---------------
(١) تغير الأحكام بتغير الزمان ١٠.
(٢) تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان ١٨.

الصفحة 453