كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

الأحكام ما يدور مع المصلحة ويتبدل بتبدلها، والسبب في ذلك - على ما يظهرِ والله أعلم - أن هذا النوع من الأحكام مفوض لرأي الرسول - صلى الله عليه وسلم - باعتباره إماماً للمسلمين ... " (١).
ثم يتحدث عن هذا التبدّل فيقول أنه تبدل في التطبيق فقط، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - فُوض إليه الحكم في كثير من الأشياء "وخاصة ما يتعلق بالهيئة الاجتماعية كالمعاملات والعادات وما شابههما حسبما يراه ملائماً للمصلحة، وهو مع ذلك لم يخرج عن كونه شرعاً أصله محكم لا يتبدّل، والذي يتبدل فيه إنما
هو التطبيق فقط ... " (٢).
وقال في موضع آخر تحت عنوان تبذل الأحكام بتبدل المصالح: نتيجة البحث: "عُلم مما سبق موقف المصلحة من النص، وأنها إذا تعارضت معه في أبواب المعاملات والعادات التي تتغير مصالحها أُخذ بها، وليس هذا إهداراً للنص بمجرد الرأي بل هو عمل بالنصوص الكثيرة الدالة على اعتبارها، وأما إذا كانت المصلحة المستفادة من النص لا تتغير فلا يترك النص أصلاً، وأنه لا يتصور تعارض بينهما فضلًا عن أن يترك النص بها ... " (٣).
ثم استدل على إثبات مراده هنا بأن هذا هو مذهب الصحابة وذكر لذلك تطبيقات من فروعهم أراد بها إثبات هذه النسبة، واستدل بوقائع كثيرة وقرر مستنبطاً منها ما يلي:
١ - "ولقد وجدنا أصحاب رسول الله يعارضون أمره بما يترتب عليه من ضرر يلحق المسلمين بسببه فيقرهم على ذلك - صلى الله عليه وسلم -" (٤).
٢ - "أن من الأحكام ما يدور مع المصالح ويتبدل بتبدلها، ومن أنكر
---------------
(١) المرجع نفسه ٣٤.
(٢) المرجع نفسه ٣٤.
(٣) المرجع نفسه ٣٢٢.
(٤) المرجع السابق ٣٢.

الصفحة 457