كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

في مقابلة النصوص، واشتهر ذلك عنهم في وقائع كثيرة وهم في ذلك لم يكونوا جناة على الشريعة كيف وهم الذين أقامهم الله حراساً عليها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبعهم في ذلك التابعون وتابعوهم ثم الأئمة من ورائهم".
"فإن قيل إن ما وقع من ذلك لم يصح النص فيه عند الصحابي ولا الإِمام أو صح ولكنه رآه غير حتم، أو كان حتماً ولكن المخالفة راجعة إلى وصف منفك، قلنا مجرد احتمالات ممكنة، وليس كل ما ورد من هذا النوع يمكن تخريجه على هذه الوجوه وتلك الدعوى لا تسلم إلّا إذا صحبها استقراء وحصر لذلك، وهو لم يوجد بعد" (١).
ويفهم المؤلف بعد ذلك كله أن المصلحة دليل كباقي الأدلة، فهو لا يتصور وجود مصلحة ملغية في هذا الباب "لأن المصلحة -كما يقول هو- إذا ثبت كونها دليلاً شرعياً في الجملة -كما سنثبته بالأدلة في البحث الآتي - كانت كباقي الأدلة الأخرى، في أن مجرد المعارضة لا يسوغ تسمية الدليل بالملغي .. " (٢).
وحاصل ما في هذه النصوص أن المؤلف يقرر الآتي:
أولاً: أن الصحابة عللوا الأحكام وعملوا بالمصلحة والحكمة ولم يسيروا وراء الأوصاف الظاهرة، وكانوا يخوضون في وجوه الرأي من غير التفات إلى الأصول كانت أو لم تكن، مع اضطراب في تقرير هذه القضية عنده ستأتي الإِشارة إليه.
ثانياً: أن الصحابة عملوا بالمصلحة في أبواب المعاملات وما يتعلق بالنظام
---------------
(١) المرجع السابق ٣٠٢، ظاهر من مخهج المؤلف أن كتابه - تعليل الأحكام - مبني على ما نقله عن الصحابة من تطبيقات، وهو يظن أن الأمثلة التي جمعها تدل على مقصوده، ويطالب مخالفه في دعواه أن يستقرأ هذه الأمثلة ويخرجها على غير تفسيره هو، وهذا ما أسال الله عليه العون والتوفيق .. وإذا خرجت التفسيرات عن تفسيره بالأدلة الواضحة سقط كل ما بناه عليها والله المستعان.
(٢) المرجع السابق ٢٨٢.

الصفحة 459