كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

يُضربون على عهد رسول الله بالأيدي والنعال والعصي قال وكانوا في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - أكثر منهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم هذا فتوخى نحو مما كانوا يضربون في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان أبو بكر - رضي الله عنه - يجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر - رضي الله عنه - فجلدهم أربعين إلى أن قال: ثم كثروا فشاور فقالوا: ثمانين" (١).
والمشاورة رواها البيهقي أيضاً بسنده إلى الزهري قال: " .. أخبرني حميد ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة الكلبي قال: "أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر - رضي الله عنه - فأتيته ومعه عثمان وعبدالرحمن بن عوف وعلي وطلحة والزبير - رضي الله عنهم - وهم معه متكئون في المسجد، فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر - رضي الله عنه -: هم هؤلاء عندك فاسألهم فقال علي: تراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون، فقال عمر بلغ صاحبك ما قالوا" (٢).
ثم قال المؤلف تعليقاً على هذه النصوص: "والذي نقصده هو إثبات أنهم فعلوا شيئاً لم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبعاً لاقتضاء المصلحة، ولا يليق بهم أن يخالفوا فعل رسول الله إلّا إذا علموا أن هذا مقصد الشريعة ففعلهم هذا عين الموافقة، ولكنا سميناها مخالفة في موطن محاجة الخصم الذي لو سلّم معنا هذا المبدأ "مبدأ التعليل وأن بعض الأحكام يتبع المصلحة لما أطلقنا لفظ المخالفة على شيء من فعلهم" (٣).
المناقشة: أولًا: إذا كان المؤلف يريد في كتابه "تعليل الأحكام" إثبات
---------------
(١) سنن البيهقي ٨/ ٣٢٠ الطبعة الأولى ١٣٥٤ هـ - وتعليل الأحكام ٦٠ - ٦١ - ٦٢، وسنن أبي داود ٤٣١٤.
(٢) سنن البيهقي ٨/ ٣٢٠، وسنن أبي داود ٤٣٢٤.
(٣) تعليل الأحكام ٦١.

الصفحة 468