كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

وفي الحديث: "إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه" (١) وأشباه ذلك وهي أمور خاصة لا تتلاقى مع ما حكموا به إلا في سد الذريعة" (٢).
وهذه القاعدة لها في الشريعة أدلة كثيرة وقد أحصى منها الإِمام ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين تسعة وتسعين وهي تدل على أن وجوب سد الذريعة قاعدة من القواعد الشرعية قال: "وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف" (٣).
والاستقراء كما عبر عنه الشاطبي هو"استقراء مواقع المعنى حتى يحصل منه في الذهن أمر كلي عام فيجري في الحكم مجرى العموم المستفاد من الصيغ" (٤). ومن فوائد هذه القاعدة البناء والتفريع، ذلك أنها تتضمن معنى - وهو السد - وقد اسْتُقرِأت الأدلة من الكتاب والسنّة فأفادت اعتبار الشارع له، بحيث لم يعد المجتهد يحتاج إلى دليل خاص إذا أراد أن يحكم على نازلة خاصة بل يدخلها تحت عموم المعنى ...
يقول الإِمام الشاطبي: "ولهذه المسألة فوائد تنبني عليها أصلية وفرعية وذلك أنه إذا تقررت عند المجتهد ثم استقرئ معنى عاماً من أدلة خاصة واطرد له ذلك المعنى لم يفتقر بعد ذلك إلى دليل خاص على خصوص نازلة تعن بل يحكم عليها وإن كانت خاصة، بالدخول تحت عموم المعنى المستقرئ من غير اعتبار بقياس أو غيره، إذا صار ما استقرئ من عموم المعنى كالمنصوص بصيغة عامة فكيف يحتاج مع ذلك إلى صيغة خاصة بمطلوبه" (٥).
---------------
(١) أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه، قال نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه" فنهاه عن سب غير أبيه وأمه لكي لا يتخذ ذريعة لسب أبويه. باب أكبر الكبائر ٢/ ٨٣ - صحيح مسلم بشرح النووي.
(٢) الموافقات ٣/ ١٨٩، ١٩٠.
(٣) ٣/ ١٣٧ - ١٥٩.
(٤) الموافقات ٣/ ١٨٨.
(٥) المصدر السابق ٣/ ١٩٢.

الصفحة 480