كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

المطلب السادس
مناقشة اعتباره المصلحة دليلاً مستقلاً
يقول المؤلف: "إن المصلحة إذا ثبت كونها دليلاً شرعياً في الجملة -كما سنثبته بالأدلة في البحث الآتي- كانت كباقي الأدلة الأخرى .. " (١).
أدلّته:
١ - أن القرآن دل على اعتبار المصالح مطلقاً .. من ذلك قوله تعالى:
{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٢).
فهي كما قال العز بن عبدالسلام أجمع آية في القرآن للحث على المصالح كلها، والزجر عن المفاسد بأسرها، فإن اللام والألف في الألفاظ الواردة فيها للعموم والاستغراق (٣) ..
٢ - وقوله لرسول - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٤).
" .. ومن الرحمة الأذن لهم على لسانه - صلى الله عليه وسلم - في جلب المصالح ودفع المفاسد عنهم، ومعلوم أن للناس مصالح تتجدد بتجدد الأيام، فلو وقف الاعتبار على المنصوص فقط لوقع الناس في الحرج الشديد، وهو مناف للرحمة لأنه نقمة .. " (٥).
ثم استدل بأدلة أخرى - من مثل التطبيقات التي سبق ذكرها - ليقرر أن
---------------
(١) رسالة التعليل: ٢٨٢.
(٢) سورة النحل: آية ٩٠.
(٣) المرجع السابق: ٢٨٧.
(٤) سورة الأنبياء: آية ١٠٧.
(٥) رسالة التعليل: ٢٨٨.

الصفحة 499