كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

بالعبادات أو بالعاديات، وأن هذه المصالح متحققة في شريعة العبادات علمنا منها ما علمنا وجهلنا منها ما جهلنا، ومقصود المؤلف هنا أنه لا يجري فيها القياس ونحوه، والتنبيه هنا إنما هو تنبيه على العبارة، ذلك أن الشارع قصد في العبادات تحقيق مصالح الخلق، وأمرهم فيها بالامتثال، وعبارة الإِمام الشاطبي، هي: "الأصل في العبادات - بالنسبة إلى المكلف - التعبد دون الالتفات إلى المعاني" فبالنسبة للمكلف الوقوف عند حد الامتثال - وهو التعبد - دون النظر في المعاني، فيقف عند مجرد ما حده الشارع: "ولذلك كان الواقف من مجرد الاتباع فيه أولى بالصواب وأجرى على طريقة السلف الصالح .. " (١).
مع التسليم بعد هذا كله أن العبادات جاءت رحمة للعباد محققة للمصالح في الدنيا والآخرة.
٢ - أنه قال أن المعاملات نظر الشارع فيها من جهة تحصيل الأصل فيها، فينبغي أن تتبع بها المصالح فقط.
ومع التسليم بأنها جاءت لتحقق المصالح، إلّا أنه لا يقال أنها تتبع المصالح فقط، فإن من المعلوم أن الشارع أنزل شريعته لتحقيق مصالح العباد، ولم يقل أنها تتبع المصالح، ولم يستنبط أحد من المجتهدين هذه القاعدة فيقول: إن أحكام المعاملات تتبع المصالح: "ويجعل الميزان الصحيح هو المصالح فقط .. ".
وانظر إلى ما يقوله الإِمام الشاطبي:
"الأصل في العادات - بالنسبة إلى المكلف - التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني".
ومعنى الالتفات إلى المعاني: جواز التعدية إما بطريق القياس أو بطريق العمل بالمصلحة المعتبرة شرعًا.
---------------
(١) الموافقات ٢/ ٢٢٢، ٢٢٤.

الصفحة 506