كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

إلى الله من جهة حق الله فيه، ومن جهة كون حق العبد من حقوق الله، إذْ كان لله أن لا يجعل للعبد حقًّا أصلًا" (١).
وتبين من كلام الإِمام الشاطبي، أن مقصوده من بحث هذه المسألة، هو إثبات أن التكليف هو حق لله، سواء أكان من العبادات أو المعاملات، ولهذا ذكر الأدلة على أن "كل ما ثبت فيه اعتبار المعاني دون التعبد فلا بد من اعتبار التعبد ثم ذكر أربعة أوجه تدل على ذلك ..
وبعد معرفة ما يريد الشاطبي تقريره في الموافقات، أعود إلى المقارنة بين ما هو موجود في الموافقات وما نقله الشلبي مع بيان الفوارق:
أولًا: ذكر الإِمام الشاطبي ثلاثة أدلة على أن الأصل في العادات الالتفات إلى المعاني:
أولها: الاستقراء: وهو ما ذكره الشلبي سابقًا.
والفارق بينهما أن الشاطبي جعله دليلًا على ما ذكره وحرر الضوابط فقال مبينًا: إنا فهمنا من العادات اعتبار الصالح، وذكر لذلك أمثلة منها: جواز الدرهم بالدرهم في القرض مع حرمته في المبايعة، وحديث "لا يقضي القاضي وهو غضبان"، "ونهى عن بيع الغرر"، "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" ... إلى غير ذلك في لا يحصى وجميعه يشير - بل يصرح - باعتبار المصالح للعباد، وأن الإذن دائر معها أينما دارت حسبما بينته مسالك العلة فدل ذلك أن العادات مما اعتمد الشارع فيها الالتفات إلى المعاني" (٢).
والشاطبي -كما هو واضح من عبارته- أحسن الاستدلال على مقصوده وحرر ضوابط اتباع المصالح، وهو أن الشارع أذن في ذلك، وضوابطه هي اتباع مسالك العلة.
---------------
(١) الموافقات ٢/ ٢٣١.
(٢) الموافقات ٢/ ٢٢٥.

الصفحة 510