كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

والشلبي بضد ذلك نقل أول كلام الشاطبي وترك آخره الذي فيه هذه الضوابط.
وقد سبق في أكثر من موضع استنكاره لها وزعمه أن الضبط أمر مخترع.
ثانيًا: استدل الشاطبي بأن "الشارع، توسع في بيان العلل والحكم في تشريع باب العادات كما تقدم تمثيله، وأكثر ما علل فيها بالمناسب الذي إذا عرض على العقول تلقته بالقبول، ففهمنا من ذلك أن الشارع قصد منها اتباع المعاني لا الوقوف مع النصوص (١)، بخلاف باب العبادات فإن المعلوم فيه خلاف ذلك ... " (٢).
وأضاف الشلبي - بعد أن لخص الدليل الذي ذكره الشاطبي - قوله: "وهذا تنبيه منه سبحانه إلى أننا نسلك هذا الطريق ونسير بمعاملاتنا في وادي المصالح، ولا نجمد على المنصوص الذي ربما ورد لمصلحة خاصة وبطائفة خاصة، وبإقليم خاص وفي زمن خاص، وحاشا لشريعة الخلود أن تلزم الناس بهذا الإصر والأغلال التي صرحت في غير موضع بأنه رُفع عنهم" (٣).
وهذه الإِضافة من المؤلف تخدم القضية التي ينافح عنها في كتابه، وما زال يمفد لها، ويقوّي من شأنها، والشبهة التي أصابته ما زالت تلاحقه وهي ظاهرة في قوله: " ... ولا نجمد على المنصوص الذي ربما ورد لمصلحة خاصة ... " فهو يرى أن النص قد لا يحقق المصلحة، وبذلك يجب أن نتعرف عليها ولو خارج النصوص، ونسير بمعاملاتنا في وادي المصالح هكذا بغير حرمة للنص وبغير شهادة من الشرع لهذه المصالح المزعومة.
---------------
(١) الموافقات ٢/ ٢٢٤.
(٢) يعني بعدم الوقوف عندها أي عدم الاقتصار على ما نصت عليه، بل الحمل عليها باتباع المعاني المناسبة شرعًا.
(٣) تعليل الأحكام ٢٩٦ - ٢٩٧.

الصفحة 511