كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

بل إنه يرى أن وضع هذه الضوابط نوع من الإِصر والأغلال.
أمّا مسألة خصوص بعض الأحكام فلم يقل أحد من العلماء إن خصوصيات الرسول - عليه الصلاة والسلام - تلزم المكلفين ..
أمّا بقية الأحكام وهي معظم الشريعة فلم يقل أحد من أهل العلم أن من نصوصها ما ورد لمصلحة خاصة، وبطائفة خاصة، وبإقليم خاص، وفي زمن خاص وهذه الدعوى - مع خطورتها - لم يقدم لها المؤلف دليلًا إلّا قوله أن بعض المصالح تتغير، وأن النص لا يحقق المصلحة في بعض الأحيان، وهذه كما ترى دعوى أخرى، فلم يبق في يديه إلّا قوله: إن هذا عمل الصحابة فكان إجماعًا، وقد بينت في البحوث السابقة أن الصحابة لم يغيروا ولم يبدلوا وما فهمه واتبعد ما هو بيقين، ولكن شُبِّهَ له.
والحاصل أن هذه الإِضافة على كلام الشاطبي - مع خطورتها - ليس لها وزن علمي لأنها مجرد دعوى، ووسعت البيان هنا ضرورة لإِبطال قوله بعد ذلك أن هذا قدر اتفق العلماء عليه!!!
وفكرته هذه وما ينبني عليها لا يزيدها إدخالها مع كلام الشاطبي إلّا خذلانا، وذلك لما بينته من الفرق بين ما نقلته عن الأصوليين، ومنهم الشاطبي وهو الالتزام بالضوابط الشرعية، وتوقير النصوص، والشعور بحرمتها وأنها رحمة متضمنة للعدل والمصلحة والخير واتباع المعاني تحت العمل بالضوابط وبين شذوذ صاحب رسالة التعليل الذي يرى المصلحة ... خارجة عن النص في بعض الأحيان ويصر على عدم الضبط (١)، ويعطل بعض النصوص مؤقتًا، تجديدًا لشذوذ الطوفي، بل وزيادة عليه.
---------------
(١) وهو شديد الاضطراب في هذه القضية، فتارة ينكر على الأصوليين اتباعهم الضوابط ويزعم أنها أمر مخترع، وتارة يستنكر اعتبار مطلق المصلحة في مقابلة النص ولو لم يكن إليها حاجة، انظر ٣٠٠، وأما إذا اعتبرنا أن "الحاجة" غير منضبطة - وهي كذلك - فإن الاضطراب يرتفع ويحل محلة الإِصرار على رفع الضوابط.

الصفحة 512