كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

إن تغيِّرَ الفتوى إذا تغيّرَ تحقيقُ المناط لكي تنتظم كلُّ واقعةٍ تحت حكمها الشرعي، لا صلة له البتة بتغيّر أحكام الشريعة بزعم تغيّر المصالح بتغير الأزمنة، ومن هنا فإن الفقه الإِسلامي يتجدَّد ولا يجْمُدْ، حيث يأخذ كل واقعة بخصوصها فيدخلها تحت حكمها الشرعي حسب تحقق مناطها، فإن جاء زمن آخر تجددت تلك الواقعة على صورة أخرى وتغيّر تحقيق مناطها، وُضِعت تحت حكمها الخاص بها وهكذا، وإذا جاءت واقعة جديدة نُظر في حكمها الخاص بها حسب تحقق مناطها وهكذا، ولكل واقعة حكم، والاختلاف في الأحكام في الزمن الواحد وفي جميع الأزمان إنما هو اختلاف وقائع واختلاف تحقيق المناط، ولكل واقعة بحسب تحقق مناطها حكم ثابت يحقق المصلحة في جميع الأزمان إلا أن يتغير تحقيق المناط، أي تتغير الواقعة فَيُدْخلُها الفقهُ حينئذ تحت حكم يخصها، وسيأتي الحديث عن الفقه بين الجمود والتجديد في الفصل التالي والله المستعان.

الصفحة 541