كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

أهميته وضرورته - غير معصوم، فلابد من التصحيح لما عسى أن يقع من أخطاء اجتهادية، سواء صححها المجتهد الذي وقع منه هذا الخطأ، أو قام بذلك غيره من المجتهدين، ويستمر هذا وذاك في عمل واحد يمتزج بعضه ببعض يدخل في مسمى الاجتهاد، فالاجتهاد كشف عن الحكم وإظهاره، أو تأكيد لصوابه أو بيانٌ لخطئه، وهذا هو الذي كوّن الفقه الإِسلامي وحقق شموليته.
أثر الاجتهاد في الفقه الإِسلامي:
١ - أن الاجتهاد هو القاعدة التي تقوم عليها شرعية الفقه الإِسلامي فهو ليس منعزلًا عن الشرعية (١)، كما أنه ليس منعزلًا عن صفة الإِلزام والجزاء، والذي يدرك منزلة الاجتهاد يدرك شرعية أحكام الفقه الإِسلامي وكونها ملزمة يقع عليها الجزاء الدنيوي والأخروي، ذلك أن المجتهد ومن تابعه لا يجوز لهم أن يدعوا العمل بما ظهر لهم صوابه، أضف إلى ذلك أن الاجتهاد بما أنه تكليف من الله فإن أول ما يترتب عليه الأجر عندما يقع بشروطه الشرعية، وقد وقع الأجر في حالتي الصوات والخطأ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويترتب عليه أن نتيجته ملزمة لمن رأى صوابه من مجتهد أداه لذلك اجتهاده أو متابع تابعه على ذلك، فالاجتهاد فرض لا يجوز التفريط فيه وكذلك نتيجته .. ويترتب عليه أيضًا أن هؤلاء الذين ثبت عندهم ذلك يلزمهم العمل به ويعاقبون على تركه إن تركوه، ويثابون على فعله إن فعلوه، وهذا لا يكون إلّا إذا علموا أنه حكم وجب عليهم التزامه تعبدًا لله، ومن هنا ندرك بجلاء شرعية الفقه الإِسلامي ولزومه للأمة، كل مجتهد بحسب اجتهاده وكل متابع بحسب ما تابع عليه، هذا إذا لم يختر الحاكم ذلك الحكم الاجتهادي فإن اختاره أصبح ملزمًا للأمة كلها، عليه يقع الجزاء الدنيوي والأخروي، فهو من حيث
---------------
(١) هنا نصل إلى النتيجة في موضعها المناسب ونذكر ما يترتب عليها خاصة بعد أن بينا الفرق بين الشريعة والفقه، وبينا الشرعية للفقه الإِسلامي، انظر ص ٦٠ - ٩٨ وبهذين الموضعين يرتبط موضع آخر عند مناقشة المسترقين ومن تابعهم في موقفهم من الشريعة والفقه. انظر كتاب موقف المستشرقين من ثبات الشريعة وشمولها.

الصفحة 579