كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

إسلاميًا له منزلته المعلومة، ويشترك في نتيجته من حيث الجزاء مع "الشريعة الإِسلامية" نفسها فالنظر في الشريعة مثل النظر في "الفقه" له شروطه وضوابطه الشرعية، ونتيجته تشترك في كثير من الأحكام كما بينا سابقًا.
وكذلك الحال في رفع العصمة ومنع التأثيم، فلا نشهد بالعصمة ولا نقارب فنغلوا في بيان منزلة الأئمة - ومن ثم نغلوا في بيان منزلة الاجتهاد - فنقع فيما وقع فيه أهل الإِفراط.
ولا نؤثمهم أو نسقط "الشرعية" (١) عن اجتهاداتهم وفي ذلك إهدار لقيمة الفقه الإِسلامي وتشكيك في جهد المجتهدين، ووقوع فيما وقع فيه أهل التفريط.
فلا بد إذن من الحذر مما وقع فيه الفريقان، والاقتداء بالسلف الأول في إدراك حقيقة الاجتهاد كشفًا وتصحيحًا وفي تحديد الموقف من الفقه الإِسلامي وأعلامه، تمامًا كما وجبت متابعتهم والاقتداء بهم في موقفهم من بيان منزلة الشريعة وكيفية الاستنباط منها.
وإذا أحسنا الاقتداء والمتابعة في توازن واعتدال استطعنا أن نقف الموقف العدل من أنفسنا ومما ورثناه في العصور المتأخرة - بعد القرون المفضلة - ومن ثم نستطيع أن نَثْبُتَ على الاستقامة في فهم هذا الدين عقيدة وشريعة ونسلم بعون الله من إسراف المتعصبة وجمودهم، ومن جهل الذين نزعوا عن الفقه صفة
---------------
(١) إسقاط الشرعية نوع من التأثيم لأن مقتضاه أن الفقهاء كانوا مخالفين عن الشرعية فيما قالوه فهم آثمون.
والحق في خلاف ذلك كما بينا وسيأتي رد مفصل على آثار الغزو الفكري في انتشار هذه الشبهة في كتابات المستشرقين ومن تابعهم وهي شديدة الصلة بموضع الثبات والشمول في الشريعة الإِسلامية، حيث اتخذ هؤلاء شبهة التغيير سبيلًا إلى دمج القوانين الوضعية البشرية بالشريعة الإِسلامية، عن طريق بعض الأفكار التي تصف الفقه الإِسلامي بأنه وضع بشري، وسنعالج شبه المستشرقين ومن تابعهم ونرد عليها مبينين أهم الفوارق بين طبيعة القوانين الوضعية و"الفقه الإِسلامي". انظر كتاب موقف المستثرقين من ثبات الشريعة وشمولها.

الصفحة 582