كتاب أسنى المتاجر وبيان أحكام من غلب على وطنه النصاري ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر

4 -
من أجَاز هَذِه الْإِقَامَة مارق من الدّين ومفارق لجَماعَة الْمُسلمين

وتكرار الْآيَات فِي هَذَا الْمَعْنى وجريها على نسق ووتيرة وَاحِدَة مُؤَكد للتَّحْرِيم وَرَافِع للاحتمال المتطرق إِلَيْهِ فَإِن الْمَعْنى إِذا نَص عَلَيْهِ وأكد بالتكرار فقد ارْتَفع الِاحْتِمَال لَا شكّ فتتعاضد هَذِه النُّصُوص القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والاجماعات القطعية على هَذَا النَّهْي فَلَا تَجِد فِي تَحْرِيم هَذِه الْإِقَامَة وَهَذِه الْمُوَالَاة الكفرانية مُخَالفا من أهل الْقبْلَة المتمسكين بِالْكتاب الْعَزِيز الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد فَهُوَ تَحْرِيم مَقْطُوع بِهِ من الدّين كتحريم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وأخواته من الكليات الْخمس الَّتِي أطبق أَرْبَاب الْملَل والأديان على تَحْرِيمهَا وَمن خَالف الْآن فِي ذَلِك أَو رام الْخلاف من المقيمين مَعَهم والراكنين إِلَيْهِم فجوز هَذِه الْإِقَامَة واستخف أمرهَا واستسهل حكمهَا فَهُوَ مارق من الدّين ومفارق لجَماعَة الْمُسلمين ومحجوج بِمَا لَا مدفع فِيهِ لمُسلم ومسبوق بالاجماع الَّذِي لَا سَبِيل إِلَى مُخَالفَته وخرق سَبيله
5 - رَأْي أبي الْوَلِيد بن رشد الْجد تَحْرِيم الْإِقَامَة

قَالَ زعيم الْفُقَهَاء القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن رشد رَحمَه الله فِي أول (كتاب التِّجَارَة) (86 أ) إِلَى أَرض الْحَرْب من مقدماته فرض الْهِجْرَة غير سَاقِط بل الْهِجْرَة بَاقِيَة لَازِمَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَاجِب بِإِجْمَاع الْمُسلمين على من أسلم بدار الْحَرْب أَن لَا يُقيم بهَا حَيْثُ تجرى عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُشْركين وَأَن يهجرها وَيلْحق بدار الْمُسلمين حَيْثُ تجرى عَلَيْهِ أحكامهم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا برىء من كل مُسلم مُقيم مَعَ الْمُشْركين) إِلَّا أَن الْهِجْرَة لَا

الصفحة 30