كتاب كيف دخل التتر بلاد المسلمين

وهكذا تبدو سياسة ابن العلقمي بعيدة الغور سيئة القصد، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله – كما سيتضح بعد.
الخطوة الثالثة: الغدر بالقضاة والفقهاء وقتل الخليفة:
ولم تقف سياسة ابن العلقمي عند هذا الحد، فقد بادر بإتخاذ الخطوة العملية حين قدم التتار، وكان أول من برز إليهم فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع بهولاكو ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة، فخرج الخليفة في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤساء الأمراء والدولة والأعيان، فلما اقتربوا من منزل هولاكو حُجِبو عن الخليفة إلا سبعة عشر نفسا خلص بهم الخليفة، وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت، وقتلوا عن آخرهم، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة، ويقال إنه اضطرب في كلامه من هول ما رأى من الإهانات والجبروت، ثم أعيد إلى بغداد تحت الحوطة والمصادرة يحيط به الطوسي وابن العلقمي الرافضيان، ونهب من دار الخلافة أشياء كثيرة من الذهب والحلي والأشياء النفيسة، ثم أشار هؤلاء الرافضة على هولاكو بعدم مصالحة الخليفة وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان قبل ذلك، وحسنوا له قتله،

الصفحة 58