كتاب النصيحة في صفات الرب جل وعلا

ثمَّ لَا أجد شَيْئا يعقب تِلْكَ النُّصُوص الَّتِي كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصف بهَا ربه لَا نصا وَلَا ظَاهرا مِمَّا يصرفهَا عَن حقائقها ويؤولها كَمَا تأولها هَؤُلَاءِ مشايخي الْفُقَهَاء المتكلمون مثل تأويلهم الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ وَالنُّزُول بنزول الْأَمر وَغير ذَلِك وَلم أجد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ يحذر النَّاس من الْإِيمَان بِمَا يظْهر من كَلَامه فِي صفة ربه من الْفَوْقِيَّة وَالْيَدَيْنِ وَغَيرهمَا مثل أَن ينْقل عَنهُ مقَالَة تدل على أَن لهَذِهِ الصِّفَات مَعَاني أخر باطنة غير مَا يظْهر من مدلولها مثل فوقية الْمرتبَة وَيَد النِّعْمَة وَغير ذَلِك وَأَجد الله عز وَجل يَقُول {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} وَقَالَ {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} فِي سَبْعَة مَوَاضِع وَقَالَ الله تَعَالَى {يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم} وَقَالَ الله تَعَالَى {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} وَقَالَ الله تَعَالَى {بل رَفعه الله إِلَيْهِ} وَقَالَ الله تَعَالَى {أأمنتم من فِي السَّمَاء أَن يخسف بكم الأَرْض فَإِذا هِيَ تمور أم أمنتم من فِي السَّمَاء أَن يُرْسل عَلَيْكُم حاصبا}

الصفحة 11