كتاب النصيحة في صفات الرب جل وعلا

إِلَيْهِ وَهُوَ غير مَحْصُور فِيهَا بل هُوَ كَمَا كَانَ فِي أزليته وَقدمه فَإِذا أَرَادَ الْمُحدث أَن يُشِير إِلَى الْقَدِيم فَلَا يُمكنهُ ذَلِك إِلَّا بالاشارة إِلَى الْجِهَة الْفَوْقِيَّة لِأَن المشير فِي مَحل لَهُ فَوق وَتَحْت والمشار إِلَيْهِ قديم بِاعْتِبَار قدمه لَا فَوق هُنَاكَ وَلَا تَحت وَبِاعْتِبَار حدوثنا وتسفلنا هُوَ فَوْقنَا فَإِذا أَشَرنَا إِلَيْهِ تقع الاشارة عَلَيْهِ كَمَا يَلِيق بِهِ لَا كَمَا نتوهمه فِي الْفَوْقِيَّة المنسوبة إِلَى الْأَجْسَام لَكنا نعلمها من جِهَة الاجمال والثبوت لَا جِهَة التَّمْثِيل وَالله الْمُوفق للصَّوَاب وَمن عرف هَيْئَة الْعَالم ومراكزه من علم الْهَيْئَة وَأَنه لَيْسَ لَهُ الا جهتا الْعُلُوّ والسفل ثمَّ اعْتقد بينونية خالقه عَن الْعَالم فَمن لَوَازِم الْبَيْنُونَة أَن يكون فَوْقه لِأَن جَمِيع جِهَات الْعَالم فَوق وَلَيْسَ إِلَّا المراكز وَهُوَ الْوسط
فصل إِذا علمنَا ذَلِك واعتقدناه تخلصنا من شبه التَّأْوِيل وعماوة التعطيل وحماقة التَّشْبِيه والتمثيل وأثبتنا علو رَبنَا وفوقيته واستواءه على عَرْشه كَمَا يَلِيق بجلاله وعظمته وَالْحق وَاضح فِي ذَلِك والصدر ينشرح لَهُ فَإِن التحريف تأباه الْعُقُول الصَّحِيحَة مثل تَأْوِيل الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ وَغَيره وَالْوُقُوف فِي ذَلِك جهل وعي مَعَ ان الرب سُبْحَانَهُ وصف

الصفحة 21