كتاب إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي - مقابل (اسم الجزء: مقدمة)

والوعي بالتراث أمر ضروري لحياة الأمة، وهو يجعلها تطل من خلاله على واقعها المعاصر بعين البصيرة الواعية التي تبني حاضرها على أسس سليمة، ودعائم راسخة من تطلعات الحاضر، وعراقة الماضي.
ولذا بذل الإستعمار وأعوانه وما زالوا محاولاتهم لصرف الأمة عن تراثها ونبذبه وراء ظهرها تمهيدا لهدم هذا الصرح العظيم إيذانا بضياع هذه الأمة
وقد منيت هذه الثروة بنكبات وكوارث وعواد عبر العصور أتت على مئات الآف بل الملايين منها تافا وإحراقا وضياعا ومن منا لايتذكر حادثة هلاكو وجنوده الذين صنعوا من الكتي جسرا يعبرون عليه نهر دجلة
هذا إلى جانب ما أحرقه الصلبيون أحرقهم الله في حملاتهم المسعورة على البلاد الإسلامية, فقد قدر بعض المؤرخين ما أتلفه الصلبيون في طرابلس وحدها بثلاثة ملايين مجلد
هذا بالإضافة إلى ما نهب وسرق من قبل المستشرقين والدول الإستعمارية في العصور الأخيرة
وحسبنا في تقدير ما أصاب تراثنا المخطوط من تلف وضياع أننا نفتقد اليوم أسماء قدر كبير من المؤلفات القيمة التي تطالعنا أسمائها في تراجم العلماء والأدباء، وفي المصادر التي تعنى برصد حركة التأليف: كالفهرست لابن النديم، وكشف الظنون وذيوله، ومفتاح دار السعادة، وكتب برامج العلماء، حيث لا نقف في هذه المصادر إلا على مجرد الاسم فقط ولا نجد له أثرا في الواقع بعد البحث والتحري في مظانها.

الصفحة 11