كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

ومن طريق حماد عن حميد، عن الحسن قال: أخذ رجلاً أهلُ امرأته فإن لم يبعث بنفقتها إلى شهر فهي طالق، فجاء الأجل ولم يبعث شيئًا، فخاصموه إلى علي، فقال: اضطهدتموه، حتى جعلها عليه، وردها عليه. ومن طريق الحجاج بن منهال، ثنا هشيم، ثنا عبد الله بن طلحة الخزاعي، ثنا أبو يزيد المديني، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: ليس لمكره طلاق (¬1). وصح أيضًا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - من طرق أنه لم يجز طلاق المكره، ومن طريق ثابت الأعرج فقال: سألت كل فقيه بالمدينة عن طلاق المكره فقالوا: ليس لمكره طلاق، ثم أتيت ابن الزبير وابن عمر - رضي الله عنهما - فردا عليَّ امرأتي وكان قد أكُره على طلاقها ثلاثًا (¬2)، وصح هذا أيضًا عن جابر بن زيد والحسن وعطاء وطاوس وشريح وعمر بن عبد العزيز (¬3)، وهو قول مالك ومعه داود وجميع أصحابه. وصح إجازة طلاق المكره عن ابن عمر، وروي عن عمر وعلي ولم يصح عنهما، وصح عن الزهري وقتادة وإبراهيم (¬4) وسعيد بن جبير.
واحتج المجيز (بعموم) (¬5) قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى} [البقرة: 230] وهو تمويه؛ لأن الذي قال هذا قال أيضًا: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]. والمكره لم يطلق قط، وكان
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 84 عن هشام، والبيهقي 7/ 358 من طريق عفان بن مسلم، ثنا هشيم، نا عبد الله بن طلحة الخزاعي، عن أبي يزيد المدني عن ابن عباس.
(¬2) رواه البيهقي أيضًا 7/ 358 عن ثابت الأحنف.
(¬3) آثار الحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز رواها ابن أبي شيبة 4/ 84 - 85.
(¬4) "مصنف ابن أبي شيبة" 4/ 85.
(¬5) ليست بالأصل.

الصفحة 18