ينبغي أن يحتجوا في إجازة بيع المكره بعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] فإن قالوا: البيع لا يكون إلا عن تراضٍ. قلنا: والطلاق لا يكون إلا عن رضًى من المطلق.
واحتجوا أيضًا بأخبار فاسدة منها ما رويناه من طريق أبي عبيد، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا المغازي بن جبلة الجبلاني، عن صفوان بن عمران الطائي: أن رجلاً جعلت امرأته سكينًا في حلقه، وقالت: طلقني ثلاثًا أو لأذبحنك فناشدها فأبت فطلقها ثلاثًا، ثم ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا قيلولة في الطلاق" (¬1). ورويناه أيضًا من طريق نعيم بن حماد، عن بقية، عن الغازي، عن صفوان، عن رجل من الصحابة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وهذا كله لا شيء؛ لأن إسماعيل وبقية ضعيفان، والغازي مجهول، وصفوان ضعيف، ثم هو مرسل (¬3).
¬__________
(¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 3/ 441 - 442 عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، به. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" 1/ 275 - 276 (1130)، ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 211، عن إسماعيل بن عياش، به.
(¬2) رواه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 211 عن يحيى بن عثمان عن نعيم، به.
ورواه سعيد بن منصور 1/ 276 (1131)، ومن طريقه العقيلي 2/ 211 - 212 من طريق الوليد بن مسلم عن الغازي، به.
وهذا الحديث ضعيف؛ قال البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 114 (501): الغاز بن جبلة في طلاق المكره، حديثه منكر.
وقال أبو زرعة الرازي: حديث واهٍ جدًا. "علل ابن أبي حاتم" 1/ 436. وضعفه عبد الحق الإشبيلي 3/ 200، وابن القطان في "البيان" 2/ 55 - 56 (30)، وتاج الدين التبريزي في "المعيار" 2/ 456 (1472)، والمصنف -رحمه الله- في "البدر" 8/ 118.
(¬3) "المحلى" 8/ 331 - 332.