كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

ومعنى (صائب) في هذا، أي: من صاب يصوب. أي: هو غزير كثير متين. وقيل: إنما يريد هنا اللحن الذي هو إزالة الإعراب؛ لأن الجارية ليستملح منها ذلك.
وقال ثعلب: اللحن قبيح من كل أحد. قال معاوية: كيف ابن زياد فيكم؟ قالوا: ظريف على أنه يلحن، قال: فذلك أظرف له، ذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة، وذهبوا هم إلى اللحن الذي هو الخطأ (¬1). وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: تعلموا الفرائض [والسنن] (¬2) واللحن كما تعلمون القرآن. قيل: أراد اللغة، وقيل: أراد الخطأ؛ لأن من تعلم الخطأ فقد تعلم الصواب، والعرب تقول: هذا لحن بني فلان إنما تريد لغتهم، ومنه قول عمر - رضي الله عنه - في أبي بن كعب: وإنما أرغب عن كثير من لحنه (¬3). يريد: لغته. قال الشاعر:
وما هاج هذا الشَّوْقَ إلاَّ حمامة ... تَغَنَّتْ على خَضْراءَ سُمرٌ قُيودُها
صَدُوحُ الضُّحَي مَعْرُوفة اللَّحْنِ لم تَزَلْ .... تَقُودُ الهَوى مِنْ مُسْعدٍ ويَقوُدُها
والجمع: لحون، (وقوله: رددن لحونًا ذات ألوان، يريد: عندهم لغات) (¬4).
¬__________
(¬1) رواه القالي في "أماليه" 1/ 5 عن شيخه أبي بكر عن إسماعيل بن إسحاق عن نصر بن علي عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: قال معاوية، فذكره.
(¬2) ليست بالأصل والمثبت من "أمالي القالي".
(¬3) انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 241.
(¬4) كذا بالأصل وليس لها في النص متعلق، والمصنف ينقل من "أمالي القالي" 1/ 6، وذكرها القالي عقب بيتين نصهما:
وهاتِفَيْن بِشَجْو بَعْدَما سَجَعتْ ... وُرْقُ الحَمام بِتَرْجِيع وإرْنانِ
باتا على غُصْنِ بانٍ في ذُرى فَنَنٍ ... يُرَدِّدَانِ لُحُونًا ذاتَ ألوَانِ
وقال: معناه: يرددان لغات.

الصفحة 511