كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

وهذِه (المذاهب) (¬1) المحرمة على المؤمنين.
فإن قلت: إن حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة يعارضان قوله - عليه السلام - للذي يستأذن عليه: "بئس ابن العشيرة" ثم يلقاه بوجه طلق وترحيب (¬2).
قلت (¬3): لا تعارض؛ لأنه - عليه السلام - لم يقل خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على التجريح عند السامع، ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه - عليه السلام - من الاستئلاف، وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق، وقد قيل: إن تلقيه له بالبشر إنما كان لاتقاء شره، وليكف بذلك أذاه عن المسلمين، فإنما قصد بالوجهين جميعًا إلى نفع المسلمين بأن (عرفه) (¬4) بسوء حاله، وبأن كفاهم ببشره له أذاه وشره، وذو الوجهين بخلاف هذا؛ لأنه (لا) (¬5) يقول الشيء بالحضرة، وقد قال ضده في غير الحضرة، وهذا تناقض. فالذي فعله - عليه السلام - محكم مبين لا تناقض فيه؛ لأنه لم يقل لابن العشيرة عند لقائه إنه فاضل ولا صالح؛ بخلاف ما قال فيه في غير وجهه، ومن هذا الحديث استجاز الفقهاء التجريح والإعلام بما يظن [من] (¬6) سوء حال الرجل إذا خشى منه على المسلمين (¬7).
¬__________
(¬1) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" (المداهنة) وهو أنسب.
(¬2) سلف من رواية عائشة برقم (6131) كتاب: الأدب، باب: المداراة مع الناس.
(¬3) هو قول المهلب وهو المفترض للسؤال السابق كما في "شرح ابن بطال" 8/ 250 ونسبه المصنف لنفسه.
(¬4) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" (عرفهم) وهو أنسب.
(¬5) كذا بالأصل وحذفها أنسب للسياق.
(¬6) ليست بالأصل وأثبتناها من "شرح ابن بطال".
(¬7) انتهى من "شرح ابن بطال" 8/ 250 - 251.

الصفحة 535