كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

الصبأ خروج من دين إلى دين (¬1).
وقوله: "أبرأ إليك من فعل خالد" على وجه الإنكار عليه، والتعريف بأنه لم يأذن له في ذلك لئلا يعتقد أن فعل خالد كان بإذنه، ولينتهي غيره عن مثل ذلك.
فصل:
لم يختلف العلماء أن القاضي إذا قضى بجور أو خلاف أهل العلم فهو مردود، فإن كان على وجه الاجتهاد والتأويل كما صنع خالد فإن الإثم ساقط فيه، والضمان لازم في ذلك عند عامة أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في ضمان ذلك على ما يأتي بيانه.
ووجه موافقة الحديث للترجمة قوله - عليه السلام -: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". يدل تبرؤه من قَتْلِ خالد الذين قالوا: صبأنا أن قتله له حكم منه بغير الحق؛ لأن الله تعالى يعلم الألسنة كلها، ويقبل الإيمان من جميع أهل الملل بألسنتهم، لكن عذره الشارع بالتأويل إذ كل متأول فلا عقوبة عليه ولا إثم.
فصل:
واختلفوا في ضمان خطأ الحاكم، فقالت طائفة: إذا أخطأ الحاكم في حكمه في قتل أوجرح فدية ذلك في بيت المال، هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق (¬2).
وقالت أخرى: هو على عاقلة الإمام والحاكم. وهو قول الأوزاعي
¬__________
(¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1764 - 1765.
(¬2) انظر: "المبسوط" 9/ 50، 80, "بدائع الصنائع" 7/ 16، "المغني" 14/ 256 وما بعدها.

الصفحة 554