كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

وقوله - عليه السلام -: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر" (¬1) ولا يجوز أن يؤجر إلا على ما هو بفعله مطيع، فإذا كان مطيعًا فما صدر عنه من [تلف] (¬2) نفس أومال فلا ضمان عليه، وهو اختيار إسماعيل بن إسحاق.
وحجة من أوجب الضمان والدية: الإجماع على أن الأموال مضمونة بالخطأ كما هي بالعمد، ولا تسقط الدية في ذلك من أجل أنها لم يذكر في الحديث وجوبه كما لم تسقط في الناقتين عن حمزة حين جب أسنمتهما وبقر خواصرهما، وإن كان لم يذكر في ذلك الحديث (¬3).
وروي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه جعل عقل المرأة التي أمر برجمها على عاقلته (¬4).
وروي أن امرأة ذكرت بالزنا عند عمر - رضي الله عنه -[فبعث إليها] (¬5) ففزعت وألقت ما في بطنها، فاستشار الصحابة في ذلك، فقال له عبد الرحمن وغيره: إنما أنت مؤدب ولا شيء عليك، فقال لعلي - رضي الله عنه - ما تقول فقال: إن كان اجتهدوا فقد أخطئوا وعليك الدية، قال عمر - رضي الله عنه -: عزمت عليك لتقسمنها على قومك، فأوجب علي بحضرة الصحابة الدية، وألزم بها عمر - رضي الله عنه -، وقسمها على عاقلته (¬6)، والمرأة وإن كانت أسقطت من الفزع فهو من جهته.
¬__________
(¬1) سيأتي من حديث عمرو بن العاص برقم (7352) كتاب الاعتصام، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ.
(¬2) ليست في الأصل وأثبتناها من "شرح ابن بطال" وبها يستقيم السياق.
(¬3) سلف حديث حمزة - رضي الله عنه - برقم (2089) مختصرًا وبرقم (2375) بموضوع الشاهد وهو من رواية علي - رضي الله عنه -.
(¬4) رواه مالك بلاغًا مختصرًا دون ذكر عقلها في "الموطأ" ص515
(¬5) ليست بالأصل وأثبتناها من "شرح ابن بطال" ليتضح السياق.
(¬6) رواه البيهقي في "سننه" (6/ 123).

الصفحة 556