كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

يصح فيما كان من الحكم بالبينات فلابد في ذلك من الإعذار إلى المحكوم عليه وما كان الحكم فيه من جهة الإقرار فللرسول أن ينفذه بإقرار المقر ولا إعذار فيه.
وإنما اختلف العلماء: هل يحتاج وكيل الحاكم إلى أن يحضر من يسمع ذلك من المقر أم لا؟ على حسب اختلافهم في الحَكَمِ، هل يحتاج إلى مثل ذلك أم لا؟ وأصل الإعذار في قوله تعالى: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 65] وقوله: {مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ}
فصل:
وفيه حجة لمن قال: إن القاضي يجوز أن يحكم على الرجل بإقراره دون بينة تشهد عنده بذلك الإقرار، وهو قول ابن أبي ليلى، وأبي حنيفة، وأبي يوسف (¬1)، وقال مالك: لا يقضي على الرجل بإقراره حتى تشهد عنده بينة بذلك، وهو قول محمد بن الحسن، واحتج الطحاوي بقوله: "واغدُ يا أُنيس على أمرأةِ هذا، فإن اعترفتْ فارجمها" ولم يقل: فأشهد عليها حتى يكون حجة لك بعد موتها، قال: وقد قتل معاذ وأبو موسى مرتدًا وهما واليان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن ولم يشهدا عليه (¬2).
فصل:
واختلفوا إذا قال القاضي: قد حكمت على هذا الرجل بالرجم فارجمه، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا قال ذلك وسعك أن ترجمه، وكذلك سائر الحدود والحقوق، وقال ابن القاسم: على مذهب مالك إن كان القاضي عدلاً وسع المأمور أن يفعل ما قاله
¬__________
(¬1) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 371، "الأم" 7/ 138.
(¬2) انظر "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 371.

الصفحة 570