كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

ابْنَ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ -: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا باللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تعصوني فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ به في الدُّنْيَا فَهْوَ كفَّارَةٌ وطهور، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ". فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ.
ثم ساق حديث عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بهذِه الآيَة {لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} (¬1) [الممتحنة: 12] وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا.
وحديث أم عطية - رضي الله عنها - قالت: بَايَعْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَرَأَ {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ: فُلَانَةُ أَسعَدَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَمَا وَفَتِ منا امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سلَيْمٍ، وَأُمُّ العَلَاءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ. أَوِ ابنةُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ.
الشرح:
كل ما خاطب الله به الرجال من شعائر الإسلام فقد دخل فيه النساء ولزمهن من ذلك ما لزم الرجال إلا ما خص به الرجال مما لا قدرة للنساء عليه من القيام بفرض الحرب وشبهه مما قد بين سقوطه عن النساء، وهذِه البيعة في هذِه الأحاديث كانت بيعة العقبة الأولى (¬2) بمكة قبل
¬__________
(¬1) في الأصل: {وَلَا تُشْرِكُوا}
(¬2) ورد بهامش الأصل ما نصه: هي ثانية عند بعضهم، وبعضهم عدها أُوْلَي.

الصفحة 597