كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

ذلك ماضيًا عليهم، وجرى مجرى الأب في توليتهم على ابنة الصغير بعد وفاته فإنه عند عدم الأب.
فصل:
وأما قوله عمر - رضي الله عنه - في خطبته: (كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا). يعني: حتى يكون آخرنا، فإنما قال ذلك (¬1) يوم وفاته حين قال: إن محمداً لم يمت، وإنه سيرجع ويقطع أيدي رجال وأرجلهم حتى قام الصديق فخطب .. الحديث، وقد ذكر ابن إسحاق، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: إنما حملني على مقالتي حين مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] الآية، فوالله إن كنت لأظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها (¬2).
وكان في هذا الرزية الشنيعة والمصيبة النازلة من الأمة من موت نبيها من ثبات نفس الصديق ووفور عقله ومكانته من الإسلام ما لا مطمع فيه لأحد غيره. وقال سعيد بن زيد: بايعوا الصديق يوم مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرهوا بقاء بعض يوم وليسوا [في جماعة] (¬3).
وقد ذكر ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة أن الناس بكوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفاه الله وقالوا: وددنا أنا متنا قبله، إنا نخشى أن نفتن بعده، وقال معن بن عدي العجلاني: والله ما أحب أني مت قبله
¬__________
(¬1) وقع في "شرح ابن بطال" 8/ 285: فإنما قال ذلك اعتذارًا مما كان خطبه قبل ذلك يوم وفاته فلعله سسقط من الناسخ، أو من المصنف حين نقله من "شرح ابن بطال".
(¬2) "سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -" لابن هشام 4/ 341.
(¬3) ليست في الأصل والمثبت من "شرح ابن بطال".

الصفحة 606