كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

أحد إلا أتى برأسه (¬1).
وما تمنوه مما لا سبيل إلى كونه تصغيرًا لأنفسهم وتحقيراً لأعمالهم، فتمنوا أنهم لم يخلقوا وأنهم أقل الموجودات، تمنى الصديق أن يكون (بحفرة تأكله الذئاب) (¬2)، وتمنى عمر أن يكون تبنة من الأرض فقال: يا ليتني كنت هذِه، ليتني لم أك شيئًا، ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت نسيًا منسيا (¬3)، وقرأ عمر - رضي الله عنه -: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} [الإنسان: 1]، فقال: يا ليتها تمت (¬4).
قآل عمران بن حصين: وددت أني رماد على أكمة تسفيني الرياح في يوم عاصف (¬5).
وقال أبو ذر - رضي الله عنه -: وددت أن الله خلقني شجرة تقضم (¬6).
ومرت عائشة - رضي الله عنها - بشجرة فقالت: يا ليتني كنت ورقة من هذِه الشجرة.
¬__________
(¬1) انظر: "حلية الأولياء" 2/ 176، "سير أعلام النبلاء" 4/ 141، 431.
(¬2) كذا بالأصل، ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 198 بلفظ: خضرة تأكلني الدواب.
(¬3) رواه ابن المبارك في "الزهد" (234)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 361, وابن أبي شيبة 7/ 117 (34469).
(¬4) رواه ابن المبارك في "الزهد" (235)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص150. ورواه أيضًا عبد بن حميد، وابن المنذر كما في "كنز العمال" (35915).
(¬5) رواه معمر في "جامعه" 11/ 307 (20615)، وعنه ابن المبارك في "الزهد" (241)، والبيهقي في "الشعب"1/ 486 (790).
(¬6) رواه أحمد 5/ 173 موقوفًا، ورواه الترمذي (2312)، وابن ماجه (4190) عن أبي ذر مرفوعًا.

الصفحة 622