كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 32)

وقوله: "لولا أن قومك .. " إلى آخره، امتنع من هدمه وبنائه على قواعد إبراهيم من أجل الإنكار الحاصل لذلك.
فإن قلت (¬1): فقد روى ابن عيينة عن ابن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "احرص علي ما ينفعك، واستعن باللهِ ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" (¬2).
فنهى عن (لو) في هذا الحديث، وهو معارض لما جاء في إباحة (لو) من الكتاب والسنة المروية في ذلك.
فالجواب: لا تعارض فالنهي عن (لو) معناه: لا تقل: إني لو فعلت كذا لكان [كذا] (¬3) علي القضاء والحتم، فإنه كائن لا محالة فأنت غير مضمر في نفسك شرط مشيئة الله، [هذا] (¬4) الذي نهى عنه؛ لأنه سبق في علم الله كل ما يناله المرء، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 57].
فأما إذا كان قائله ممن (يوثق) (¬5) بأن الشرط إذا وجد لم يكن المشروط إلا بمشيئة الله، وإرادته فذلك هو الصحيح من القول.
وقد قال الصديق - رضي الله عنه -لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو في الغار: لو أن أحدهم
¬__________
(¬1) هو افتراض الطبري نقله عنه ابن بطال في "شرحه" 8/ 294، وما سيأتي كلامه.
(¬2) رواه مسلم (2664) كتاب: القدر، باب: الأمر بالقوة وترك العجز.
(¬3) ليست بالأصل، والمثبت من "شرح ابن بطال".
(¬4) من "شرح ابن بطال".
(¬5) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" (يوقن).

الصفحة 639