كتاب محاضرات في النصرانية

فيما يتعلق بالتحريم، إلا تحريم الزنى، وأكل المخنوق، وأكل الدم وأكل ذبائح الأوثان، فقد قالوا أن التلاميذ والمشايخ بهذا المجمع الذي بينه سفر الأعمال في إصحاحه الخامس قد سنوا للمسيحيين سنة جمع المجامع لدراسة ما يتعلق بالعقيدة والشريعة.

المجامع العامة والمجامع الخاصة:
والمجامع عندهم قسمان: مجامع عامة أو على حد تعبيرهم مجامع مسكونية، أي تجمع رجال الكنائس المسيحية في كل أنحاء المعمورة، والمجامع المكانية وهي التي تعقدها كنائس مذهب أو أمة في دوائرها الخاصة من أساقفتها وقساوستها" أما لإقرار عقيدة، أو لرفض عقائد أخرى.
ويقسم المجامع صاحب كتاب سوسنة سليمان إلى ثلاثة أقسام فيقول: "وهذه المجامع تنقسم بالنظر إلى عدد أربابها ودرجاتهم وشوكتهم إلى ثلاثة أقسام وهي: مجامع عامة، ويقال لها مسكونية، ومجامع ملية، أي خاصة بطائفة دون غيرها، ومجامع إقليمية، أي خاصة بإقليم مخصوص. لكن مقاصد كلامنا لا تحتاج إلا إلى ذكر المجامع التي تعتبر عامة، سواء صادق عليها الجميع أو إنكرها بعضهم على بعض، لما في ذلك من معرفة النتائج التي تولدت عنها".
هذا كلام صاحب ذلك الكتاب المسيحي، وإذا كان هو لا يعني في تاريخ ديانته إلا بالمجامع العامة، فنحن كذلك لا نعني إلا بها، وقد أحصى المجامع العامة من القرون الأولى للمسيحية إلى سنة 1869 فكانت عدتها عشرين مجمعاً، وقد ذكرها جميعاً بالإجمال، وذكر قراراتها بالإشارة وسنحذو حذوه في بعضها، وسنترك الإجمال إلى بعض التفصيل في بعضها الآخر، وخصوصاً في المجامع التي كانت في القرون الأولى للمسيحية لأنها التي حددت للأخلاق حدود العقيدة المسيحية في نظر مقريها، وهي التي رسمت المسموح والتقاليد الكنسية القائمة في الكنائس، أو بعضها الكثير إلى الآن، وهي التي فلحت الأرض لتبذر هذه المسيحية التي سادت أفكار المسيحيين في الأجيال من بعد.
ونبدأ بأعظم هذه المجامع، وأبعدها أثراً، وأكبها شأناً، وأولها وجوداً وأعظمها ذكراً وهو مجمع نيقية.

الصفحة 121