كتاب محاضرات في النصرانية
ومنهم من كان يقول أن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منا في جوهره، وإن ابتداء الابن من مريم، وإنه اصطفى ليكون مخلصاً للجوهر الإنسي صحبته النعمة الإلهية، وحلت فيه بالمحبة والمشيئة، ولذلك سمى ابن الله، ويقولون: الله جوهر قديم واحد، وأقنوم واحد، ويسمونه بثلاثة أسماء، ولا يؤمنون بالكلمة ولا بروح القدس، وهي مقالة بولس الشمشاطي بطريرك أنطاكية وأشياعه، وهم البوليقانيون.
ومنهم من كان يقول أنهم ثلاثة آلهة لم تزل: صالح، وطالح، وعدل بينهما، وهي مقالة مرقيون اللعين وأصحابه، وزعموا أن مرقيون رئيس الحواريين، وأنكروا بطرس، ومنهم من كان يقول بأُلوهية المسيح وهي مقالة بولس الرسول ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً" أ. هـ. المراد منه.
موقف قسطنطين من المتناظرين:
اجتمع أولئك المختلفون، وسمع قسطنطين مثال كل فرقة من ممثليها، فعجب أشد العجب مما رأي وسمع، فأمرهم أن يتناظروا لينظر الدين الصحيح مع من، وأخلى داراً للمناظرة، ولكنه جنح أخيراً إلى رأي بولس، وعقد مجلساً خاصاً للأساقفة الذين يمثلون هذا الرأي وكانت عدتهم ثمانية عشر وثلاثمائة.
انحيازه لرأي مؤلهي المسيح مع إنهم ليسوا الكثرة:
ويقول في ذلك ابن البطريق: "وضع الملك للثلاثمائة والثمانية عشر أسقفاً مجلساً خاصاً عظيماً، وجلس في وسطهم وأخذ خاتمه، وسيفه، وقضيبه. فدفعه إليهم وقال لهم: قد سلطتكم اليوم على مملكتي، لتصنعوا ما ينبغي لكم أن تصنعوا مما فيه قوام الدين، وصلاح المؤمنين، فباركوا الملك، وقلدوه سيفه، وقالوا له: أظهر دين النصرانية، وذب عنه، ووضعوا له أربعين كتاباً فيها السنن والشرائع، منها ما يصلح للملك أن يعلمه ويعمل به، ومنها ما يصلح للأساقفة أن يعملوا به".
العقيدة التي فرضها المجمع:
وضع هذا المجمع المحدود من الأساقفة قرارات في العقدية والشرائع، ليقيدوا بها المسيحيين، ولا يهمنا إلا بيان العقيدة التي قررها المجمع وفرضها على المسيحيين.
الصفحة 125
200