كتاب محاضرات في النصرانية

المصريون يرفضون تعيين بطريرك على غير مذهبهم:
89- ولقد كان الاختلاف يشتد كلما عين الرومان بطريركا، فإن المصريين يرفضونه محتجين بأنه على غير مذهبهم ومن غير جماعتهم، ويجب أن يكون بطريركهم بعد هذا الاختلاف من المذهب الذي ارتضوه ديناً، وباختيارهم، فكان بعض الأباطرة يأخذهم بالعنف، وأولئك هم الأكثرون، وبعضهم يأخذهم بحسن السياسة ولطف الكياسة، فيترك لهم الحرية في اختيار بطريركهم، والاطمئنان إلى مذهبهم، وكانت الأيام والسنون هكذا تسير أحياناً على نهج من الهوادة والرفق، وأحياناً كثيرة على شطط وعنف.
يعقوب البرادعي ونسبة المذهب المصري إليه:
وفي هذه الأثناء يتغلغل في ربوع الدولة الرومانية الدعاة إلى المذهب المصري والدعاة إلى المذهب الروماني أو مذهب رومية مقر الأباطرة أو المذهب الملكي كما سماه العرب من بعد.
ولقد ظهر للمذهب المصري داعية قوي الشكيمة قوي العارضة، بليغ الأثر، أسمه يعقوب البرادعي، قد أخذ يجول في وسط القرن السادس الميلادي في البلاد الرومانية إلى مصر، يدعو الناس إلى اعتناق مذهب الكنيسة المصرية، ويبث ذلك المذهب في نفوسهم، ويدخله في قلوبهم، وسلك في سبيل ذلك المخاطرة والجرأة، لا يأبه بقوة مهما تكن، ولا لذي خطر مهما يكن شأنه.
وتقول صاحبة كتاب تاريخ الأمة القبطية: "قيل إنه رسم 98 أسقفاً، وألوفا من الكهنة والقسوس، ومن ذلك الحين أطلقت كلمة يعقوبيين على جميع الذين يذهبون إلى أن للمسيح طبيعة واحدة اشتقاقاً من اسم يعقوب البرادعي زعيم هذا الحرب.
ولكن من الخلط الكبير، والخبط الذي يدل على الجهل إطلاق لفظ يعقوبيين على الكنيسة القبطية المصرية، لأن مذهبها نشأ قبله، وهو تبعه إذ لا علاقة لها بيعقوب، أما إذا سميت الكنيسة الرومانية بالكنيسة الملكية فأنت مصيب غير مخطئ، لأن هذا الاسم صار علماً للكنيسة

الصفحة 140