كتاب محاضرات في النصرانية
وجاءت على نحل مختلفة، وأهواء متباينة، ونزعات متضاربة، وبأسماء كثيرة.
فمنهم من كان يقول أن هناك آلهة ثلاثة: صالح، وطالح، وعدل بينهم، وهم أتباع مرقيون، ولعل هذه النحلة من آثار المجوس، لأنهم هم الذين يقولون بإله الخير وبإله الشر.
ولقد قال ابن البطريق في هذه النحلة وأصحابها: "وزعموا أن مرقيون هو رئيس الحواريين، وأنكروا بطرس" فالمنتحلون لهذه النحلة يزعمون أن مرقيون داعيتها والمنادي بها حواري من حواريي عيسى عليه السلام، بل كبير الحواريين وشيخهم، والمقدم فيهم ورئيسهم.
البربرانية:
ومنهم فرقة تسمى البربرانية كانت تقول أن المسيح وأمه إلهان، ولعل هؤلاء هم الذين ذكرهم الله تعالت كلماته في قوله تعالى مبيناً ما يكون بينه سبحانه وتعالى وعيسى عليه السلام من قول يوم القيامة، قال تعالت كلماته: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . ولعل فريقاً منهم كان موجوداً عند نزول القرآن الكريم.
نحل أُخر:
ويقول ابن البطريق في بيان بعض فرق كانت موجودة قبل مجمع نيقية: ومنهم من كان يقول أن المسيح من الأب بمنزلة شعلة من نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية، وهي مقالة بابليدوس وشيعته، ومنهم من كان يقول: لم تحبل مريم تسعة أشهر، وإنما مر في بطنها، كما يمر الماء من الميزاب لأن الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعته وهي مقالة اليان وأشياعه.
الصفحة 153
200