كتاب محاضرات في النصرانية

السر إلى الجهر، ومن التستر إلى التفحش، ومن الخفية إلى الإعلان، واتصل بعضهم بالنساء اتصال سفاح، بعد أن حرموا على أنفسهم النكاح؟ ولم تتمنع النساء المتصلات بهم من أن يعلن ذلك مفاخرات به، وجاء من ذلك الاتصال الآثم أولاد لا آباء لهم، ولكن لهم حظوة، لأن بعض رجال الدين عرفوا آباءهم، كما يعرفون أبناءهم، فيمكنون لهم بسلطانهم الديني سلطاناً دنيوياً.
ولقد كانت تلك الحياة اللاهوتية العابثة الفاسقة ميزة أختص بها بعض رجال الطبقة العالية الدينية أنفسهم، أما التحوت من رجال الدين ففي فقر مدقع، وفي حياة هي أقرب إلى الدين المسيحي من حياة كبرائهم، وذوي السلطان فيهم وفي الشعب.

ابتداء الإصلاح:
117- هذا سلطان الكنيسة، وتلك حال رجالها، يتدخلون في كل شيء، ينقبون عن القلوب، وقد سترها علام الغيوب، ويرهقون من يتهمونهم بأقصى أنواع العذاب، ويفرضون سلطانهم على الراعي والرعية، حتى يتململ من تحكمهم الملوك والأمراء، وذوو الفكر من الشعوب ويجبون الإتاوات ويفرضون الضرائب حتى كأنهم الحياة العشارون لا رجال الدين المهذبون، ويعطون أنفسهم حق مسح الخطايا بعد اعتراف المذنب في آخر أيامه في الدنيا، وأول أيامه في الآخرة، ثم يغالون، فيمنحون أنفسهم حق غفران الذنوب السابقة واللاحقة للقوي الصحيح، ويكتبون في ذلك صحوكاً يبيعونها بثمن قليل أو كثير، ثم يقضون أو بعضهم حياة كلها لهو، وحولهم الناس ينظرون.
ولقد بلغ السيل الزبى في العصر المشهور في التاريخ الأوربي بعصر النهضة، وفيه نهضت الإرادة الإنسانية، والعقل الإنساني يفرضون وجودهما، وفيه استطاع الأوربيون أن يروا نور الله في الإسلام، والتدين الحقيقي فيما يدعو إليه هذا الدين، إذا اتصل الشرق بالغرب فيما قبس الغرب من دراسات يلقاها على أساتذة من المسلمين بشكل خلص، ومن الشرقيين بشكل عام، وفيه أعلم أن لا سلطان لأحد من رجال الدين على القلب، وأن لا وساطة بين الله والعبد، وأن الله قريب ممن يدعوه، ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه.

الصفحة 174