كتاب محاضرات في النصرانية
وكما أن ذلك الأساس أدى إلى سلب الكنيسة ما زعمته لنفسها من حق الغفران أدى إلى أمر آخر. وهو منع الصلاة لأجل الموتى، واعتبار أن ذلك لا يفيدهم لأنه ليس للإنسان إلا ما سعى. وأن سعيه سيحاسب عليه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وأدى أيضاً إلى أن طلب شفاعة القديسين لا قيمة له، لأنه لا يغير عمل الشخص من صالح إلى طالح.
وفي الجملة أنهم اعتبروا غفران الذنوب يرجع إلى عمل الشخص وعفو الإله، وتوبة العاصي وندمه على ما فات ولومه نفسه على ما كان وكل قول يجعل غفران الذنب أساسه غير ذلك رفضوه، ولم يلتفتوا إليه.
عدم الصلاة بلغة غير مفهومة.
(د) ولقد كان ذلك المبدأ الذي يجعل الإنسان يدين بعمله وحده، ومبدأ أن لا سلطان للكنيسة على القلب والعبادة، كان هذان المبدآن سبباً في أن رفض أولئك المسيحيون الصلاة بلغة غير مفهومة للمتعبد، لأن الصلاة دعاء من العابد للمعبود وانصراف القلب إليه، والقيام بالخضوع الكامل له، والنطق بما يدل على الخضوع والالتجاء إلى المعبود، فوجب أن تكون بألفاظ يفهمها العابد ليردد معانيها ويقصد مراميها، وقد كانت صلاة القسيس بلغة لا يفهمها المصلون مقبولة لدى الكاثوليك. لأن أساس ذلك أن عبادة القسيس عبادة لمن هم تحت سلطانه.
رأيهم في العشاء الرباني:
(هـ) انتهى البروتستنت بالنسبة للعشاء الرباني إلى إنه تذكار بغداء المسيح للخطيئة التي ارتكبها آدم، وتحملت الخليقة من بعد وزرها، وتذكار لمجيئه لدين الناس، فهو تذكار للماضي والمستقبل كما جاء في بعض الرسائل، وهم ينكرون أن يتحول الخبز إلى جسد المسيح. والخمر إلى دمه.
والكنيسة قد أصرت على ذلك إصراراً. وهذا قرارها في المجمع الترنديتى في ذلك الشأن، فهي تقول بلسان أعضائه.. "قد اعتقدت كنيسة الله دائماً بأنه بعد التقديس يوجد جسد ربنا الحقيقي ودمه الحقيقي مع نفسه ولاهوته تحت أعراض الخبز والخمر، وأن كلاً من الشكلين يحتوي ما يحتوى كلاهما، لأن يسوع المسيح هو بكماله تحت شكل الخبز، وتحت أصغر أجزاء هذا الشكل، كما إنه هو كله أيضاً تحت شكل الخمر وجميع أجزائه،
الصفحة 186
200