كتاب الوابل الصيب - الكتاب العربي

( السادسة والخمسون )
أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا لله عز و جل فأفضل الصوام أكثرهم ذكرا لله عز و جل في صومهم وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله عز و جل وأفضل الحاج أكثرهم ذكرا لله عز و جل وهكذا سائر الأحوال وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا في ذلك [ أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل : أي أهل المسجد خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : أي الجنازة خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : فأي المجاهدين خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل فأي الحجاج خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : وأي العباد خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل ] قال أبو بكر : ذهب الذاكرون بالخير كله وقال عبيد بن عمير : إن أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه وبخلتم على المال أن تنفقوه وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه : فأكثروا من ذكر الله عز و جل
( السابعة والخمسون )
أن إدامته تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية كحج التطوع وقد جاء ذلك صريحا في حديث أبي هريرة : [ أن فقراء المهجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم والمقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموالهم يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون فقال : ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا أحد يكون أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة الحديث متفق عليه فجعل الذكر عوضا لهم عما فاتهم من الحج والعمرة والجهاد وأخبر أنهم يسبقونهم بهذا الذكر فلما سمع أهل الدثور بذلك عملوا به فازدادوا ـ إلى صدقاتهم وعبادتهم بمالهم ـ التعبد بهذا الذكر فحازوا الفضيلتين فنفسهم الفقراء وأخبروا رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنهم قد شاركوهم في ذلك وانفردوا لهم بما لا قدرة لهم عليه فقال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ]
وفي حديث عبد الله بن بسر قال : [ جاء أعرابي فقال : يا رسول الله كثرت علي خلال الإسلام وشرائعه فأخبرني بأمر جامع يكفيني قال : عليك بذكر الله تعالى قال : ويكفيني يا رسول الله ؟ قال : نعم ويفضل عنك ] فدله الناصح صلى الله عليه و سلم على شيء يبعثه على شرائع الإسلام والحرص عليها والاستكثار منها فإنه إذا اتخذ ذكر الله شعاره أحبه وأحب ما يحب فلا شيء أحب من التقرب بشرائع الإسلام فدله صلى الله عليه و سلم على ما يتمكن به من شرائع الإسلام وتسهل به عليه وهو ذكر الله عز و جل يوضحه :

الصفحة 104