كتاب الوابل الصيب - الكتاب العربي

( السابعة والستون )
إن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر الله عز و جل عليها قال ابن مسعود : إن الجبل لينادي الجبل باسمه : أمر بك اليوم أحد يذكر الله عز و جل ؟ فإذا قال : نعم استبشر وقال عون بن عبد الله : إن البقاع لينادي بعضها بعضا : يا جارتاه أمر بك اليوم أحد يذكر الله ؟ فقائلة : نعم وقائلة : لا فقال الأعمش عن مجاهد : إن الجبل لينادي الجبل باسمه : يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله عز و جل ؟ فمن قائل : لا ومن قائل : نعم
( الثامنة والستون )
إن كثرة ذكر الله عز و جل أمان من النفاق فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز و جل قال الله عز و جل في المنافقين : { ولا يذكرون الله إلا قليلا } وقال كعب : من أكثر ذكر الله عز و جل برئ من النفاق ولهذا - والله أعلم - ختم الله تعالى سورة المنافقين بقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } فإن في ذلك تحذيرا من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر الله عز و جل فوقعوا في النفاق وسئل بعض الصحابة رضي الله عنهم عن الخوارج : منافقون هم ؟ قال : لا المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا فهذا من علامة النفاق قلة ذكر الله عز و جل وكثرة ذكره أمان من النفاق والله عز و جل أكرم من أن يبتلي قلبا ذاكرا بالنفاق وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز و جل
( التاسعة والستون )
إن للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفى به ولهذا سميت مجالس الذكر رياض الجنة قال مالك بن دينار : وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز و جل فليس شيء من الأعمال أخف مؤنة منه ولا أعظم لذة ولا أكثر فرحة وابتهاجا للقلب

الصفحة 110