كتاب الوابل الصيب - الكتاب العربي

الفصل الرابع والسبعون في التسليم للقضاء والقدر بعد بذل الجهد في تعاطي ما أمر به من الأسباب
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير } نهى سبحانه عباده أن يتشبهوا بالقائلين : لو كان كذا وكذا لما وقع قضاؤه بخلافه وقال النبي صلى الله عليه و سلم [ وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان ] وقال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه و سلم [ المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ] رواه مسلم
وعن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر : حسبنا الله ونعم الوكيل فقال النبي صلى الله عليه و سلم [ إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل : حسبي الله ونعم الوكيل ] فنهى النبي صلى الله عليه و سلم أن يقول عند جريان القضاء ما يضره ولا ينفعه وأمره أن يفعل من الأسباب ما لا غنى له عنه فإن أعجزه القضاء قال : حسبي الله فإذا قال حسبي الله بعد تعاطي ما أمره من الأسباب قالها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول وإذا عجز ترك الأسباب وقالها قالها وهو ملوم بترك الأسباب التي اقتضتها حكمة الله عز و جل فلم تنفعه الكلمة نفعها لمن فعل ما أمر به

الصفحة 228