كتاب المصالح المرسلة

جميع المسلمين لأن ذلك مفهوم من فعله صلى الله عليه وسلم، وقد حضره عمر رضي الله عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأرض المغنومة تارة وترك قسمتها أخرى، فدل ذلك جواز كلا الأمرين، فقد قسم بعض أرض خيبر وترك بعضها، وقسم أرض قريظة ولم يقسم مكة، فإن قيل أرض خيبر أخذ بعضها عنوة وهو الذي قسم، وبعضها أخذ ولم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهو الذي لم يقسم.
قلنا: قسم أرض خيبر وترك قسم أرض مكة كلاهما لا نزاع فيه، وهو يكفي لمحل الشاهد.
فإن قيل: مكة فتحت صلحاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن" كما ثبت في صحيح مسلم.
قلنا: إن التحقيق أن مكة فتحت عنوة لا صلحاً ولذلك أدلة واضحة منها أنه لم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهلها زمن الفتح وإنما جاءه أبو سفيان فأعطاه الأمان، ولو كانت قد فتحت صلحاً لم يقل من دخل داره أو أغلق بابه، أو دخل المسجد فهو آمن فإن الصلح يقتضي الأمان العام.
ومنها حديث: " إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنه أذن لي فيها ساعة من نهار"، وفي لفظ: "إنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار"، وفي لفظ: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس".
ومنها أنه ثبت في الصحيح أنه يوم فتح مكة جعل خالد بن الوليد على

الصفحة 19