كتاب ظاهرة ضعف الإيمان

وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً أسيفا رقيق القلب إذا صلّى بالناس وقرأ كلام الله لا يتمالك نفسه من البكاء ومرض عمر من أثر تلاوة قول الله تعالى: {إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع} (¬1)
وسمع نشيجه من وراء الصفوف لما قرأ قول الله عن يعقوب عليه السلام: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} (¬2)
وقال عثمان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله، وقتل شهيداً مظلوماً ودمه على مصحفه وأخبار الصحابة في هذا كثيرة، وعن أيوب قال سمعت سعيداً - ابن جبير - يردد هذه الآية في الصلاة بضعاً عشرين مرة {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} (¬3)
وهي أخر آية نزلت من القرآن وتمامها {ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}. وقال إبراهيم بن بشار: الآية التي مات فيها علي بن الفضيل: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد} في هذا الموضع مات وكنت فيمن صلّى عليه رحمه الله. (¬4)
وحتى عند سجدات التلاوة كانت لهم مواقف فمنها قصة ذلك الرجل رحمه الله الذي قرأ قول الله عز وجل: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} (¬5)
فسجد سجدة التلاوة ثم قال
¬_________
(¬1) الأثر بأسانيده في تفسير ابن كثير 7/ 406.
(¬2) مناقب عمر لابن الجوزي 167.
(¬3) سير أعلام النبلاء 4/ 324.
(¬4) سير أعلام النبلاء 4/ 446.
(¬5) الإسراء /109.

الصفحة 37