كتاب منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

بسبب الاستغاثة؟ وقد يستجاب للمستغيث بالأصنام، فأثبت ولايتهم بأمر يكون للأصنام والأوثالن مشاركة فيه، فتعساً له، وويل أمه ما أجهله، وأكتف حجابه وأفحش خطابه.
واعتقاد الولاية لا يسوغ ولا يجوز بسبب الاستغاثة ودعاء غير الله وصريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة، على أن الولاية لا تثبت بسبب من هذه الأسباب التي أنكرها الشيخ وألزمه إياها هذا العراقي جهلاً وظلماً. وإنما تثبت بالإيمان بالله واليوم الآخر والكتب والنبيين، والقيام بالواجبات الدينية والأركان الإسلامية، قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية إلى قوله: {الْمُتَّقُونَ) [البقرة:177] ، وقال: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (يونس:62 ـ 63) ، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [لأنفال: 2 ـ 4] فهذا ونحوه هو الذي يستدل به على الولاية وتبثت به الولاية للعبد، وهذا معنى كلام الشيخ، وهذا الذي يفيده تقريره الذي مر، ولكن العراقي ألف الكذب والإلحاد، فصار له سجية يتهيأ لها بغير فكر ولا رؤية. ولو كانت الاستغاثة بغير الله سبباً للولاية ودليلاً عليها للزم القول بولاية كل معبود مع الله من الفاسقين والكهان والشياطين، بل والأصنام؛ لأن عابيدها قد تقضي حوائجهم، ويخاطبون منها، كما ذكره الشيخ وغيره، وقرروا ما ورد في السير من سماع الخطاب من الأصنام والأوثان، فجعل الاستغاثة بهم سبباً للولاية جهل عظيم، ثم الأسباب لا توجب وجود المسبب بنفسها، وفرق بين الدليل والسبب، لو كان هذا ممن يعقل الخطاب، ويفرق بين الخطأ والصواب.
وأما قوله: "بل تقرر في كتب العقائد باتفاق أهل السنة أن كرامات الأولياء يجب اعتقادها كما ذكر الشيخ في التحفة العراقية" فكلام الشيخ في التحفة العراقية وغيرها وكلام أهل السنة في إثبات الكرامة حق لا ريب فيه، وإنما الذي ينكره المسلم ويرده بفطرته وضروريات دينه اعتقاد أمثال هذا العراقي من أن الكرامة تحصل بدعاء غير الله والاستغاثة به وأن ذلك دليل إثباتها. هذا لا

الصفحة 205