كتاب منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ".
ولكن إذا قال: لا إله إلا الله خالصًا صادقًا من قلبه ومات على ذلك فإنه لا يخلد في النار، إذ لا يخلد في النار من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من دخلها من فساق أهل القبلة من أهل السرقة، والزنا وشرب الخمر، وشهادة الزور وأكل الربا وأكل مال اليتيم، وغير هؤلاء - فإنهم إذا عذبهم الله فيها عذبهم على قدر ذنوبهم، كما جاء في الأحاديث الصحيحة: " منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه ومكثوا فيها ما شاء الله أن يمكثوا، أخرجوا بعد ذلك كالحمم، فيلقون في نهر يقال له الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فيدخلون الجنة مكتوب على رقابهم: هؤلاء الجهنميون عتقاء الله من النار ". وتفصيل هذه الجملة لا يحتمله هذا الموضع، والله أعلم.
قال العراقي: النقل الثامن والثلاثون: قال الشيخ تقي الدين في الفرقان: "وليس من شرط ولي الله أن يكون معصومًا لا يغلط ولا يخطئ، بل يجوز أن يخفي عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين، حتى يحسب بعض الأمور مما أمر الله به ويكون مما نهى الله عنه، فيجوز أن يظن في بعض الخوارق أنها من كرامات الله لأوليائه، وتكون من الشيطان لبسها عليه لينقص من درجته، ولا يعرف أنها من الشيطان وإن لم يخرج بذلك عن ولاية الله؛ فإن الله تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ فقال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 285، 286] . وثبت في الصحيحين من حديث أبى هريرة وعمرو بن العاص: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر " فلم يؤثم المجتهد المخطئ، بل جعل له أجرًا على اجتهاده، وخطأه مغفور.
ثم قال العراقي: "النقل التاسع والثلاثون: قال الشيخ تقي الدين في

الصفحة 270