كتاب منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

اقتضاء الصراط المستقيم: "ثم هذا التحريم والكراهية قد يعلمه الداعي وقد لا يعلمه على وجه يعذر فيه، بأن يكون مجتهداً أو مقلداً، والمجتهد والمقلد اللذين يعذران في سائر الأعمال، وغير المعذور قد يتجاوز عنه في ذلك الدعاء لكثرة حسناته، وحسن قصده أو لمحض رحمة الله به" انتهى.
ثم قال: النقل الأربعون: قال الشيخ في هذا الكتاب أيضاً: "فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، وأوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله فقد شره من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً لله، نعم قد يكون متأولاً في هذا الشرع، فيغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يعفى معه عن المخطئ، ويثاب على اجتهاده. لكن لا يجوز اتباعه في ذلك, وإن كان القائل أو الفاعل مأجوراً أو معذوراً ـ إلى أن قال بعد كلام قليل ـ: ثم قد يكون كل منهما معفواً عنه الاجتهاده ومثاباً على الاجتهاد، فتخلف عنه الذنب لفوات شرطه، ولوجود ماعه.
والجواب عن هذا كله قد تقدم:
ولم يأت العراقي بمزيد حجة، بل هو من جنس ما قبله تحريف ظاهر ونقل لا حجة فيه.
فأما ما نقله عن الفرقان فحقّ، لكن ليس من مسألة النزاع في شيء، بل حاصله: أنه لا تشترط العصمة في الولي، ولا العلم بكل ما يحتاجه ويرد عليه، والفرق في جميع الجزئيات الواردة بين أمر الله ونهيه، وأنه ربما ظن في بعض الخوارق أنها كرامة، وهي تلبيس من الشيطان، وأن هذا قد يغفر مع الخطأ والنسيان.
فأي دليل في هذا على أن الولي يدعو أهل القبور ويستغيث بهم، ويوكل عليهم ويجعلهم وسائط بينه وبين الله في حاجاته وملماته؟ ولا يقاس الخطأ في أصل الدين وشهادة أن لا إله إلا الله بالخطأ في غيره. فأي حجّة في هذا؟ ولا يلزم من المغفرة في هذا أن يغفر الشرك الأكبر، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} الآية [النساء: من الآية48] . وهذا

الصفحة 271