كتاب منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

تقدم لك البيان إن هذا جهل وتخبيط وضلال، وأنه لم يفهم كلام الشيخ ولم يعرف موضوعه وما أريد به، وكيف لا يحكم الشيخان على أحد بالكفر أو الشرك، وقد حكم به الله ورسوله، وكافة أهل العلم؟ وهذان الشيخان يحكمان أن من ارتكب ما يوجب الكفر والردة والشرك يحكم عليه بمقتضى ذلك وبموجب ما اقترف كفراً أو شركاً أو فسقاً إلاّ أن يقوم مانع شرعي يمنع من الاطلاق، وهذا له صور مخصوصة، لا يدخل فيها من عبد صنماً أو قبراً أو بشراً أو مدراً لظهور البرهان، وقيام الحجة بالرسل.
والعراقي أجنبي عن هذا كله، لا يدري ما الناس فيه، وإن ظن أنه من ورثة العلم وحامليه.
جهد المغفل في الزمان مضيع ... وإن ارتضى أستاذه وزمانه
كالثور في الدولاب يسعى وهو لالا ... يدري الطريق فلا يزال مكانه
وقال العراقي: فقاتل الله من ينقل عنهما خلاف مذهبهما.
وهذا استفتاح من العراقي على نفسه، إذ هو الفاعل لذلك المجتهد في تحريف كلامهما وإخراجه عن موضوعه، ونقل ما لم ما لم يقولا ولم يذهب إليه ذاهب. قال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم:15] اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، ونسألك موجبات رحمتك وعزائم معفرتك.
وهذه النقول التي تقدمت عن العراقي أكثرها مكرر لا يحتاج لمزيد جواب، وإنما قصدنا بما أوردنا من الإطناب في محله تنبيه السامع وإيقاظ الغافل، والإطناب يحسن في محله لحاجة السامع وضرورة الطالب، وفيما يهتم به من الأمور التي تشتد حاجة العبد إليها، كما يستفاد من أسلوب الكتاب العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42] .
ثم إن العراقي بعد فراغه من نقوله شرع يستدل على جواز دعاء

الصفحة 320