كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 24)

الرأي أريبا وفي الأمر صليبا (1) وفي الكرم نجيبا يلدغك بحرارة لسانه ويقرعك بما لا يستطيع إنكاره فقال له معاوية والله لأجفينك عن الوساد ولأشردن بك في البلاد فقال له صعصعة والله إن في الأرض لسعة وإن في فراقك لدعة قال له معاوية والله لأحبس عطاءك قال إن كان ذلك بيدك فافعل إن العطاء وفضائل النعماء في ملكوت من لا تنفذ خزائنه ولا يبيد عطاؤه ولا يجنيه في قضيته فقال له معاوية لقد استقلت فقال له صعصعة مهلا لم أقل جهلا ولم أستحل قتلا لا تقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما كان الله لقاتله مقيما يرهقه أليما ويجرعه حميما ويصلبه جحيما فقال معاوية لعمرو بن العاص أكفناه فقال له عمرو وما يجهمك لسلطانك فقال له صعصعة ويلي عليك يا ماوي مطردي أهل الفساد ومعادي أهل الرشاد فسكت عنه عمرو في الكتاب الذي أخبرنا ببعضه أبو بكر اللفتواني أنا أبو عمرو بن منده أنا الحسن بن محمد بن يوه أنا أبو الحسن اللنباني (2) أنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني أبو الخطاب البصري حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدثني الفضل أن وفدا من أهل العراق قدموا على معاوية فيهم صعصعة بن صوحان فقال لهم معاوية مرحبا بكم وأهلا قدمتم خير مقدم قدمتم على خليفتكم وهو جنة لكم وقدمتم أرضا بها قبور الأنبياء وقدمتم الأرض المقدسة وأرض المحشر فقال صعصعة أما قولك مرحبا بكم وأهلا فذاك من قدم على الله والله عنه راض وأما قولك قدمتم على خليفتكم وهو جنة لكم فكيف لنا بالجنة إذا احترقت وأما قولك قدمتم الأرض المقدسة فإنها لا تقدس كافرا وأما قولك قدمت الأرض المحشر فإنه لا يضر بعدها مؤمنا ولا ينفع قربها كافرا قال اسكت لا أرض لك قال ولا لك يا معاوية إنما الأرض لله يورثها من يشاء من عباده قال أما والله لقد كنت أبغض أن أراك خطيبا قال وأنا والله لقد كنت أبغض أراك خليفة أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم
_________
(1) الأصل: صلبيا
(2) الأصل: البناني

الصفحة 93