قالت: وأنا غافلة، حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب، قال: أتخشين أني أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، فقالت: والله ما رأيت أسيرا قط خيرًا من خبيب، والله لقد وجدته يوما ياكل قطفا من عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: دعوني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزعا من القتل لزدت، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا؛
فلست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشا ... يبارك على أوصال شلو ممزع
⦗٦٥٥⦘
ثم قام إليه أَبو سروعة، عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة، واستجاب الله، عز وجل، لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت، حين حدثوا أنه قتل، ليؤتى بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله، عز وجل، على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئا» (¬١).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (٧٩١٥).