كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

وقال أبو عبد الملك: هذا مثل قديم، وهو: أن رجلاً لقي جيشًا فجردوه، فجاء إلى المدينة فقال: رأيتُ الجيش بعيني وأنا النذير العريان لكم، فدوي عريانًا: جردوني الجيش.
وقوله: "فالنجاء" أي: السرعة، وهو ممدود، ويصح أن يكون من نجا ينجو نجاء من النجاة.
فصل:
وقوله: "فأدلجوا" أي: ساروا من أول الليل مأخوذ من الإدلاج، أي: أدلجوا، وضبط بتشديد الدال، أي: ساروا بسحر، والاسم منهما الدلجة بالضم والفتح، ومعنى اجتاحهم: استأصلهم، ومنه الجائحة المفسدة للثمار.
فصل:
وقول عمر- رضي الله عنه - في أهل الردة عل وجهين (¬1)، واحتجاج الصديق، ورجع إليه أصحابه كلهم، وثبتت حجته لهم، وكان أهل الردة على وجهين: قوم كفروا، وقوم امتنعوا من الزكاة وأقروا بالإسلام، وأراد عمر - رضي الله عنه - الكف عن هؤلاء، وأراد الصديق قتالهم على الفساد في الأرض؛ لأنهم لا فساد عليهم من منع فريضة، وحكم نافي الزكاة الكفر فإن قدر عليه أخذت منه قهرًا، واختلف في إجزائها لأجل النية.
¬__________
(¬1) كذا بالأصل، والصياغة لهذا الفصل ركيكة توحي بأنه ربما سقط شيء.
وفي "شرح ابن بطال" 3/ 391 قال: وكانت الردة على ثلاثة أنواع: قوم كفروا وعادوا إلا ما كانوا عليه من عبادة الأوثان، وقوم آمنوا بمسيلمة وهم أهل اليمامة، وطائفة منعوا الزكاة وقالوا: ما رجعنا عن ديننا ولكن شححنا على أموالنا. فرأى أبو بكر قتال الجميع، ووافقه علي ذلك جميع الصحابة بعد أن خالفه عمر في ذلك، ثم بان له صواب قوله فرجع إليه.

الصفحة 27