كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

وصلة الرحم، وغير ذلك مما سنه وليس بفرض، ولذلك قال لهم: "فأتوا منه ما استطعتم". أي: لم آمركم بذلك أمر إلزام ولا أمر حتم أن تبلغوا غاياته، ولكن ما استطعتم من ذلك؛ لأن الله تعالى عفا عما لا يستطاع، وعلى هذا المعنى خرج لفظ الحديث منه - عليه السلام -؛ لأن أصحابه كانوا يكثرون سؤاله عن أعمال من الطاعات يحرصون على فعلها، فكان - عليه السلام - ينهاهم عن التشدد ويأمرهم بالرفق؛ خشية الانقطاع، وسيأتي تقصي مذاهب العلماء في الأمر والنهي في باب النهي على التحريم إلا ما يعرف إباحته بعدُ إن شاء الله تعالى (¬1).
فصل:
قوله في حديث أسماء - رضي الله عنها -: "وأوحي إليّ إنكم تفتنون في القبور قريبًا من فتنة الدجال". أي: فتنًا قريبًا، ويصح أن يكون: فتنة قريبًا، وأتى به على المعنى أي تبتلون بلاءً قريبًا، مثل قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 59] أي: إن إحسانه أولى، ولأن (ما كان) (¬2) تأنيثه حقيقيًّا يجوز تذكيره.
¬__________
(¬1) شرح ابن بطال" 10/ 336.
(¬2) هكذا بالأصل وهو خطأ، والصواب هو: ما لا يكون وهو الموافق لما في باب قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} والله أعلم.

الصفحة 31