كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

(لك) (¬1)، أي: كدت تهلك، ثم أفلتَّ.
ويروى عن ابن الحنفية أنه كان يقول إذا مات الميت في جواره: أولى (لي) (¬2)، كدت والله أن أكون السواد المخترم.
فصل:
قال المهلب: وأصل النهي عن كثرة السؤال، والتنطع في المسائل مبين في قوله تعالى في بقرة بني إسرائيل حين أمرهم بذبح بقرة، فلو ذبحوا أي بقرة كانت لكانوا مؤتمرين غير عاصين، فلما سألوا ما هي؟ وما لونها؟ قيل لهم: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ}، فشق عليهم، وقد كان ذلك مباحًا لهم، ولذلك ضيق عليهم في لونها، فمنعوا من غيره، ثم لما قالوا: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}، قيل لهم: لَّا ذَلُولٌ حراثة، ولا ساقية للحرث. أي: معلمة لاستخراج الماء، وقد كان ذلك مباحًا لهم، فعز عليهم وجود هذه الصفة المضيق عليهم فيها عقوبة لسؤالهم عما لم يكن لهم به حاجة (¬3).
فصل:
الآية السالفة وهىِ قوله: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 11] فيها تحذير مما أنزل الله تعالي بهؤلاء القوم، ثم وعد أنه إن سألوا عنها حين نزول القرآن ضُيق عليهم، وقد قال بعض أصحابنا إنه بقيت منه بقية مكروهة، وهو أن التنطع في المسألة والبحث عن حقيقتها يلزم فيها أن يأتي بذلك الشرع على الحقيقة التي (انكشفت) (¬4) له في البحث، وذلك مثل أن يسأل عن سلع الأسواق الممكن فيها الغصب
¬__________
(¬1) في الأصل: ذلك، ولعل الصواب ما أثبتناه كما في "شرح ابن بطال".
(¬2) في الأصل: لك، والمثبت من "شرح ابن بطال".
(¬3) "شرح ابن بطال" 10/ 338 - 339.
(¬4) في الأصل: انكشف.

الصفحة 37